%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9%20%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%A9%20%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84%20%D8%B4%D9%85%D8%B3 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

 

كاريكاتير من تصميم علاء خنجر

حول قضية ثانوية مجدل شمس

12\09\2010

هذه المقالة أضيفت للرسم بناء على طلب من السيد وهيب أيوب:

مُلاحظة من الكاتب:
كتبتُ هذا المقال قبل عدّة أشهر أثناء عملي بموقع "دليلك" في زاوية "رأي دليلك" بعنوان (ثانوية مجدل شمس ولعبة الطرابيش)، عندما لجأت الوزارة في حينه إلى إجراء بعض التبديلات لتسويف الأزمة الأساسية.

داءُ "الكرسي" في المجتمع العربي
وهيب أيوب

تُذكِّرُنا التغييرات التي جرت في ثانوية مجدل شمس، بمسرحية ضيعة تشرين، حيث كان الفنان نهاد قلعي يؤدّي دور المختار، فكان كلما اعترض أهل البلد على نهجه وإدارته لشؤون البلد يقوم بنقل الوزراء من مكان لآخر بمجرد نزع الطربوش عن هذا ووضعه على رأس ذاك، وبهذا تبقى الأمور على حالها ويبقى هو كمختار، طربوشه في مكانه لا يتحرّك.

في الأيام القليلة المنصرمة، قام رئيس الوزراء الياباني بتقديم استقالته من الحزب الحاكم بعد أن خَسِر حزبه الانتخابات الأخيرة، وأدرك بحسب النتائج أن الأكثرية من الشعب لا تريده وحزبه الاستمرار في الحكم.

ويُقال أنه في منتصف السبعينات، استقال وزير التربية والتعليم في اليابان عندما عثروا على رجلٍ مُسِنّ لا يعرف القراءة والكتابة، فكان الأمر مُحرِجاً للوزير فاستقال.

ربما نحن العرب في مجتمعاتنا ومؤسساتنا نعتبر ذلك مُجرّد نكتة أو فُكاهة تستحق التندّر بها على سبيل المُزاح والتسلية.

هناك مرض خطير في المجتمعات والذهنية العربية، يُسمى مرض "الكرسي"، أي كرسي، ولو كانت من قش، ذات القوائم الأربعة القصيرة، لا يهمّ، المهم كرسي والسلام...!

والمنصب والوظيفة والكرسي في مجتمعاتنا وفي ذهنيتنا، تُعتبر بمثابة غنيمة حرب، كسبها صاحبها نتيجة معارك ضارية مع الآخرين بوسائل الحرب المتاحة، مشروعة وغير مشروعة، أخلاقية أو لا أخلاقية، فالحرب هي الحرب، وهي مُتعدّدة ومتشعّبة الأدوات كما تعلمون....

لهذا فالتخلي عنها، أي الكرسي، لا يتم إلاّ بنفس الوسائل، بحيث تصبح المسألة " يا قاتل، يا مقتول".
لهذا فإنك ترى في مجتمعاتنا أن صاحب المنصب والكرسي لا يتخلى عنهما مهما ارتكب من أخطاء أو فشل في تأدية واجباته ومهامه، وسواء رضي الناس أم لم يرضوا، إلاّ في حالتين اثنين لا ثالث لهما، فإما أن يُجبر على ذلك بوسيلة من الوسائل، وإما أن يتوفاه الله إلى دار الآخرة.

والخاصية الثانية لصاحب الغنيمة "الكرسي"، أنه ومنذ اللحظة الأولى لتربّعه عليها، يبدأ بالتعامل وكأن المؤسّسة التي يرأسها أنها باتت من أملاكه الخاصة، وكأنها أرض مشاعٍ قد تم " كسرها"، والنزاع عليها بات "مَكسَرْ عَصا"، ويسعى لتحقيق "ملكيته" عليها، باستقراب المؤيدين منه، واستبعاد المنتقدين أو المعارضين لنهجه، عنه.

ثانوية مجدل شمس، ومنذ أعوام ليست قليلة، تُعاني من أزمة حادّة وتدهور خطير على مستوى سلوك الطلاّب وتصرفاتهم، ونتج عن ذلك كما أوضحت لجنة أولياء الأمور، خسائر فادحة بمقتنيات وأثاث المدرسة قارب الـ 300 ألف شيكل، وهذا لا يُعدُّ شيئاً قياساً للخسائر الأخرى على صعيد التربية والتحصيل العلمي والآثار النفسية والسلوكية على الطلاّب.

لماذا يحدث كل ذلك؟؟
من الواضح تماماً، أن مدرسة لا يسودها أي تفاهمٍ وانسجام وتعاون، بين مدير المدرسة والمعلمين، وبين المدير والطلاب، وبين المدير والأهالي ولجنة أولياء الأمور، وبين المعلّمين والطلاّب وأهاليهم أيضاً، إذاً فلا تتوقّعوا إلاّ نتائج كارثية على الطلاب والمجتمع بشكلٍ عام. لأن المدرسة ومَنْ فيها هم كالسيمفونية، يعزِف الجميع بانسجام هارمونيّ، فيخرج اللحن والأنغام بديعة. وأما إذا عزف كُلٌ على ليلاه، فلا نتوقّع غير النشاز وفرار الجمهور.

ومع احترامنا لشخص مدير الثانوية السيد محمد خاطر، إلاّ أنّه فشل فشلاً ذريعاً على مدى السنوات السابقة بتحقيق ولو الحد الأدنى من التفاهم والانسجام، ومع كل الأطراف دون استثناء.

هذا واقع باتت تدركه الغالبية الساحقة من المجتمع، فما المشكلة بالاعتراف بهذا الواقع الذي لا يرقى إلى الشك، وبإتاحة الفرصة للغير. إلاّ إذا أراد التمسّك بالذهنية النمطية التي تحدثنا عنها سابقاً، وهذا لن يكون لا في صالحه ولا في صالح مجتمعه...فليختار.

نقول لكم من تجاربنا الخاصّة، ولدى غالبيتكم بالتأكيد تجارب مُماثلة: لا يمكن لطالب أن يستفيد من مُعلّمٍ لا يحبه ولا يستطيع التواصل معه، ولا يمكن للمُعلّم أن يؤدي واجبه التربوي والتعليمي، إذا كان غير قادر التواصل والتفاهم مع مديره، وفي جوٍّ تسوده الكراهية والأحقاد والتآمر، ويستحيل في تلك الأجواء تخريج طلاّب مبدعون وأسوياء، سواء في التربية أو التعليم ، مهما ادّعى المُدّعون. وإن يكن لكل قاعدة شواذ.

إننا ندعو لجنة أولياء الأمور بعد إصدار بيانها الأخير، لتقديم مبادرة تجاه مدير المدرسة لتسوية الأمور بالتفاهم والتراضي، حتى لا ينعكس الأمر سلباً على الطلاّب والمجتمع، وانتقال منصب المدير لشخص آخر تكون فيه للجنة أولياء الأمور والناس رأياً وتأييداً وموافقة.

وندعو السيد محمد خاطر للاستقالة بهدوء، فقد أعطى ما يستطيع من خلال رؤيته وقناعاته في مجال التربية والتعليم، فلتُتح الفرصة لرؤى وقناعات أُخرى، وهذا ليس نهاية العالم.

ونتمنى على لجنة أولياء الأمور أيضاً، أن تُطالب بجميع التغييرات اللازمة في الإعدادية والثانوية وليس المدير فحسب. وذلك خلال مدة الثلاثة أشهر التي أعلنتها كفرصة نهائية للتوصّل إلى حلول تأتي بالفائدة على طلابنا ومجتمعنا كافة، وقبل أن تلجأ للإضراب الذي أعلنت عنه في بيانها.
فـ " آخـر الـدواء، الـكَـيّ " كما يقولون.